“ماسك” في قلب الجدل السياسي الألماني: هل أصبح داعماً لليمين الشعبوي في أوروبا؟
في تطور جديد أثار ضجة واسعة، دخل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك بقوة على خط السياسة الألمانية، حيث أطلق سلسلة من التصريحات والتغريدات المثيرة للجدل. فقد وصف المستشار الألماني أولاف شولتس بـ”الأحمق وغير الكفء”، داعياً إلى استقالته بعد حادث الدهس المروع الذي شهدته مدينة ماغدبورغ. ولم يكتفِ بذلك، بل أعلن دعمه لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، واصفاً إياه بأنه الحزب الوحيد القادر على إنقاذ ألمانيا، في ظل استعداد البلاد لانتخابات عامة مبكرة في فبراير المقبل.
تغريدات ماسك تشعل الجدل السياسي
على منصة “إكس”، أعلن ماسك دعمه الصريح لحزب “البديل من أجل ألمانيا”، وهو ما أثار ترحيب رئيسة الحزب أليس فايدل، التي ردت على تغريدته قائلة: “نعم! أنت على حق تماماً يا إيلون ماسك”. يأتي ذلك في وقت تعاني فيه ألمانيا من أزمة سياسية كبيرة، بعد إسقاط حكومة أولاف شولتس عبر تصويت بحجب الثقة.
وقد أثارت تغريدات ماسك استنكاراً واسعاً في الأوساط السياسية الألمانية. فقد وصف وزير الصحة كارل لوترباخ تدخل ماسك في الشؤون الألمانية بـ”المهين”، معتبراً أنه يثير إشكالية كبيرة قبل أسابيع من الانتخابات. من جهته، رفض المستشار شولتس التعليق مباشرة، مكتفياً بالقول: “لدينا حرية تعبير في ألمانيا، وهذا يشمل المليارديرات، حتى لو تضمنت تصريحاتهم معلومات غير صحيحة”.
أما عضو البرلمان الأوروبي السابق إلمار بروك، فذهب أبعد من ذلك، حيث وصف تعليقات ماسك بأنها تعكس “أوهام ملوك التكنولوجيا الأميركيين بالهيمنة على العالم”.
ماسك ودعمه لليمين الشعبوي الأوروبي
ماسك لم يكتفِ بدعم “البديل من أجل ألمانيا”، فقد سبق أن أشاد برئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، كما عبّر عن تأييده لزعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج. وتشير تقارير إعلامية إلى أن ماسك ناقش إمكانية تقديم دعم مالي لحزب فاراج، بينما يعوقه القانون الألماني عن تقديم تبرعات مالية كبيرة لحزب “البديل من أجل ألمانيا”.
ويمثل “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي تحدياً كبيراً في الساحة السياسية الألمانية، إذ يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي بنسبة 19%، خلف التحالف المسيحي الذي يحظى بأكثر من 30%.
القلق من تأثير ماسك السياسي
من جانبها، أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها من تطور منصة “إكس” تحت قيادة ماسك، مشيرة إلى خطر المعلومات المضللة التي قد تستخدمها جهات أجنبية للتأثير على الانتخابات. وقالت نائبة المتحدثة باسم الحكومة، كريستيان هوفمان، إن هذه ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها ماسك في السياسة الألمانية، حيث سبق أن أثنى على حزب “البديل من أجل ألمانيا” في يونيو الماضي، مؤكداً أن سياساته “لا تبدو متطرفة كما يوصف”.
كما أثار ماسك غضب العديد من السياسيين عندما وصف شولتس بـ”الأحمق” باللغة الألمانية، ما دفع البعض إلى التساؤل عن حدود تدخل رجال الأعمال الكبار في السياسة الأوروبية.
ما وراء دعم ماسك للأحزاب اليمينية
تمتلك شركة “تسلا”، التي يترأسها ماسك، مصنعاً كبيراً بالقرب من برلين، ما يجعله أحد أهم أرباب العمل في ولاية براندنبورغ. هذا النفوذ الاقتصادي، إلى جانب منصته “إكس”، يثير مخاوف من أن يستخدم ماسك قوته لدعم قوى سياسية معينة.
هل يشكل ماسك تهديداً للديمقراطية الألمانية؟
بينما يُعدّ ماسك شخصية مؤثرة في عالم التكنولوجيا، فإن تدخله المتزايد في السياسة الألمانية والأوروبية يثير تساؤلات عن دور رجال الأعمال في تشكيل المشهد السياسي. ومع اقتراب الانتخابات المبكرة في ألمانيا، يبقى السؤال: هل سيواصل ماسك إثارة الجدل، أم أنه سيعيد النظر في تأثير تصريحاته على الساحة السياسية؟