لماذا طلبت أسماء الأسد الطلاق؟
الصافي الإخباري – عمان
أثارت الأنباء المتعلقة بطلب أسماء الأسد الطلاق بعد سقوط نظام زوجها بشار الأسد الكثير ردود أفعال تراوحت بين الدهشة والاستغراب، والتشكيك بالمقاصد. لكن لا شك أن هذا الطلب يعكس تعقيدات سياسية، اجتماعية، وشخصية في مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام دمشق. هذه الخطوة تحمل أبعادًا أكبر من كونها قرارًا شخصيًا، إذ تتداخل فيها الطموحات الشخصية مع الضغوط السياسية والقيود القانونية.
الأبعاد السياسية:
التغيرات في مراكز القوى:
سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024 جعل من أسماء الأسد شخصية ضعيفة نسبيًا من الناحية السياسية، بعدما كانت تُعتبر جزءًا من النخبة الحاكمة. انتقالها إلى موسكو يضعها في بيئة تخضع لسيطرة روسيا، وهو ما قد يكون غير مريح بالنظر إلى القيود المفروضة عليها.
الهروب من الإرث السياسي:
طلب الطلاق يمكن أن يُفهم كوسيلة لفك ارتباطها عن الإرث السياسي لنظام الأسد. بعد الإطاحة بالنظام، قد تسعى أسماء لإعادة تقديم نفسها كشخصية منفصلة عن ممارسات النظام السابقة بهدف تحسين صورتها على الصعيد الدولي.
دور روسيا:
موقف موسكو من طلبها الطلاق ومغادرة البلاد يعكس طبيعة العلاقة بين روسيا والأطراف المرتبطة بالنظام السوري المخلوع. يبدو أن روسيا تتعامل بحذر مع الطلب، حيث قد تخشى من أن مغادرة أسماء إلى الغرب قد تؤدي إلى كشف معلومات حساسة أو إحراج سياسي.
الدوافع الشخصية:
الوضع الصحي:
تشخيص أسماء الأسد بسرطان الدم النخاعي الحاد يمثل ضغطًا شخصيًا إضافيًا. قد ترى أن لندن تقدم لها فرصة أفضل للعلاج في بيئة أقل قيدًا وأكثر أمانًا.
الرغبة في الاستقرار:
نشأتها في بريطانيا وحملها للجنسية البريطانية يجعلها أكثر ميلاً للعودة إلى مجتمع مألوف ومستقر، بعيدًا عن الضغوط السياسية المرتبطة بروسيا أو أي بلد حليف للنظام السابق.
القيود في موسكو:
التقارير التي تشير إلى القيود الصارمة على حركتها في موسكو قد تكون عاملًا دافعًا آخر. تبدو أسماء وكأنها في “منفى قسري”، وهو وضع قد يزيد من إصرارها على الانفصال والمغادرة.
التحديات المستقبلية:
العقوبات الدولية:
أسماء الأسد تواجه عقوبات تمنعها من السفر وتجميد أموالها. هذه العقوبات تجعل أي محاولة لمغادرة موسكو نحو لندن أكثر تعقيدًا، وربما مستحيلة دون تدخل سياسي.
التداعيات القانونية:
أي محاولة لمغادرة روسيا قد تتطلب تسويات قانونية معقدة. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمالية أن تُواجه أسماء تحقيقات دولية متعلقة بتهم الفساد والثراء غير المشروع.
الموقف البريطاني:
على الرغم من حملها جواز سفر بريطاني، فقد أشار المسؤولون البريطانيون بوضوح إلى أنها “غير مرحب بها”. هذا يعكس موقفًا صارمًا من الحكومة البريطانية تجاه أي محاولات لإعادة اندماجها في المجتمع البريطاني.
الخلاصة:
طلب أسماء الأسد الطلاق ليس مجرد مسألة عائلية، بل يعكس أبعادًا سياسية واجتماعية معقدة. من جهة، تسعى أسماء للابتعاد عن الإرث السياسي الثقيل للنظام المخلوع؛ ومن جهة أخرى، تواجه قيودًا قانونية ودبلوماسية تجعل من الصعب تحقيق أهدافها. مستقبل أسماء يعتمد بشكل كبير على التفاهمات بين روسيا وبريطانيا، وعلى قدرتها في إعادة صياغة دورها في الساحة الدولية وسط أزمات صحية وقانونية متشابكة.
ويمكن تخيل مشاعر بشار الأسد وهو يتلقى طلب الطلاق من أسماء الأسد بأنها مزيج متداخل من الصدمة والإحباط وربما الإحساس بالخيانة. هذا الطلب يأتي في لحظة يواجه فيها انهيار حياته السياسية وهروبه إلى المنفى في موسكو، ليجد نفسه الآن أمام انهيار آخر في حياته الشخصية. قد يشعر بأنه فقد كل شيء؛ السلطة التي كان يتمسك بها لعقود، ورفيقة حياته التي كانت دائمًا جزءًا من صورته العامة. من المحتمل أن تتولد لديه مشاعر المرارة والغضب، ليس فقط بسبب الطلاق، ولكن لأنه قد يراه كخطوة للابتعاد عنه والتخلي عن العبء السياسي والأخلاقي الذي كانا يتشاركانه. في الوقت نفسه، قد يراود الأسد إحساس بالعجز، خصوصًا إذا كانت دوافع الطلب تبدو له جزءًا من ترتيبات سياسية أو قانونية تتجاوز قدرته على السيطرة.