هل يتأثر الأردن بقرار ترامب تعليق المساعدات الأمريكية؟
كتب محرر الشؤون المحلية:
مع إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تعليق المساعدات الأمريكية لمدة 90 يومًا، ضمن مجموعة واسعة من القرارات التي اتخذها بعد تنصيبه مباشرة في 20 من الشهر الجاري، اتتزايد التساؤلات حول الدول التي قد تتأثر بهذا القرار، بما في ذلك الأردن، الذي يُعد أحد أبرز المتلقين للمساعدات الأمريكية في المنطقة. فكيف يمكن قراءة هذا القرار في سياق العلاقات الأردنية-الأمريكية؟ وما فرص تأثيره على المملكة؟.
ويتلقى الأردن مساعدات سنوية من الولايات المتحدة الأمريكية تتراوح قيمتها بين 1.45 مليار دولار و1.65 مليار دولار، وذلك وفقًا لمذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين. في عام 2022، تم توقيع مذكرة تفاهم تمتد لسبع سنوات (2023-2029) بقيمة إجمالية تبلغ 10.15 مليار دولار، مما يعادل 1.45 مليار دولار سنويًا.
مع ذلك، أظهرت تقارير أن الكونغرس الأمريكي يتجه لتخصيص 2.1 مليار دولار كمساعدات للأردن في السنة المالية 2025، مما يمثل زيادة ملحوظة عن المبلغ المتفق عليه في مذكرة التفاهم.
وتتوزع هذه المساعدات على عدة مجالات، منها الدعم الاقتصادي المباشر للموازنة، والمساعدات العسكرية، وتمويل مشاريع تنموية تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). على سبيل المثال، في عام 2022، بلغت المساعدات الاقتصادية حوالي 1.035 مليار دولار، بينما خُصص 400 مليون دولار كمساعدات عسكرية.
معروف، أن الأردن يتمتع بمكانة خاصة في السياسة الخارجية الأمريكية بفضل علاقاته المتوازنة وسياساته العقلانية ودوره المحوري في قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب. ومعروف أيضاً أنها علاقات ليست وليدة اللحظة، بل تستند إلى شراكة استراتيجية طويلة الأمد، وعابرة للأحزاب التي تحكم البيت الأبيض، وتشمل اتفاقيات واضحة لتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية، مما يقلل احتمالية تأثر المملكة بهذا القرار المؤقت.
حساسيات إقليمية
الدور الأردني في استضافة اللاجئين السوريين والفلسطينيين يُعزز من أهميته بالنسبة لواشنطن، لا سيما أن الاستقرار الأردني يعد مصلحة حيوية في منطقة تشهد اضطرابات متصاعدة. كما أن الأردن يلعب دورًا مهمًا في دعم الجهود الأمريكية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، طالما حافظت على الثوابت التي لا يتنازل عنها، وعلى رأسها حل الدولتين، بحيث يكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، والحفاظ على الدور الأردني في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مما يجعل تقليص الدعم الأمريكي له خيارًا غير مرغوب من منظور المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
ومعلومٌ، أن إدارة ترامب السابقة أدخلت العلاقات الأردنية الامريكية في مرحلة مرتبكة، على خلفية طرحها مشروعاً للسلام ينحاز بشكل واضح للمصالح الإسرائيلية، الأمر الذي رفضه الأردن. ومع ذلك فإن المساعدات الأمريكية لم تتوقف حينها، وبقيت ضمن الاتفاقات التي نصت عليها مذكرات التفاهم بين البلدين.
قرار إداري أم مراجعة عميقة؟
من الملاحظ أن تعليق المساعدات لمدة 90 يومًا لا يبدو وكأنه تحول جذري في السياسة الأمريكية، بل قد يكون إجراءً إداريًا يهدف إلى مراجعة المساعدات الخارجية بشكل شامل. في هذا السياق، من المرجح أن تكون الدول الحليفة، مثل الأردن، بمنأى عن تداعيات القرار، خاصة أن المملكة لطالما أثبتت أهمية دورها كشريك موثوق به.
إذا شمل القرار الأردن، وهو أمر مستبعد بالنظر إلى أهمية العلاقات الثنائية، فقد يشكل ذلك تحديًا مؤقتًا للحكومة الأردنية التي تعتمد على الدعم الأمريكي في تمويل جزء من مشاريع حيوية. أما إذا استُثني الأردن، لكنه في الوقت نفسه لن يشكل ضربة قاسمة للاقتصاد الأردني، الذي يشهد حالياً مظاهر تعافٍ واضحة من خلال العديد من المؤشرات وعلى رأسها الاستقرار النقدي مع مخزون كبير من العملات الأجنبية والذهب، إلى معدل نمو معقول نسبياً بالنظراً إلى الظروف التي تمر بها المنطقة، فضلاً عن تحسن في مؤشرات الاستثمار ونمو ارباح الشركات التي تملك الحكومة فيها حصصاً جيدة.
خلاصة
بينما يثير قرار تعليق المساعدات الأمريكية قلق بعض الدول المستفيدة، يبدو أن الأردن، بحكم شراكته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ودوره الإقليمي الحيوي، في موقع مريح نسبيًا. ومع ذلك، يبقى من المهم مراقبة توجهات الإدارة الجديدة عن كثب، خاصة في ظل سياسة ترامب التي قد تحمل مفاجآت غير متوقعة في ملفات المنطقة. كما أن فريق الحكومة الاقتصادي معنيٌ بتلك المراقبة، وبوضع سيناريوهات بديلة لضمان عدم تأثر الاقتصاد الأردني بأي سيناريو.