ماذا لو سمح الأردن بعبور الصواريخ الإيرانية إلى إسرائيل؟

123
مهو علشان تفهم الي بصير بده يكون عندك نفس طويل شوي وما تخلي اللغة العنترية والاتهامية تسيطر عليك وتقودك لاستنتاجات “مناضلي العصر” الي بناضلوا وراء الشاشات وبدهم حرب بأي ثمن وبلقوا تهم التخوين لبلدك يمين وشمال علشان يخلوك تفقد الثقة بدولتك ونظامك السياسي.
نرجع للسؤال: ماذا لو سمح الأردن بعبور الصواريخ الإيرانية إلى إسرائيل؟
أولا: الكل عارف إنه الضربة الإيرانية تمت بعد تواصل كثيف من خلال وسطاء بين الإدارة الأميركية والإيرانيين، ولا استبعد إنه يكون جرى تحديد الأهداف بدقة بحيث لا تندلع حرب إقليمية شاملة. هذا يعني إنه الإيراني عارف ومتأكد إنه الطيران الأردني لن يسمح بعبور مسيراته من خلال أراضيه، وبنى خطته على هذا الأساس، لأنه لا يرغب أن تصيب مقذوفاته كلها أهدافها في إسرائيل، لأنه ببساطة لا يريد استفزاز الإسرائيلي إلى الحد الذي يدفعه لعقاب شديد لا تحتمله ايران.
ثانياً: ماذا لو امتنع الأردن عن اسقاط المسيرات الأيرانية؟ ببساطة رح تتولى اسرائيل هذه المهمة وسيكون تصديها لمقذوفات إيران بأي ثمن ودون الالتزام بقواعد الاشتباك العسكرية، أو بمصالح الأردن الأمنية ودون أن تضع أي اعتبار لسلامة مواطنيه وستحول إسرائيل سماء بلدك لفضاء مواجهة مفتوح وخطر. لكن التصدي لها من خلال الأردن وبقرار أردني وبالتنسيق مع الاميركان يعني الاخذ في الحسبان أقصى درجات الحيطة والحذر وهذا ما حصل.
ثالثاً: لو سمح الأردن للمقذوفات الإيرانية بالعبور، فلن يستطيع في المقابل منع مقذوفات إسرائيل بالعبور باتجاه إيران. وحتى لو لم يمكن لديه القدرة تقنيا على فعل ذلك، فعلى الأقل سيطلب من الإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل لتحييد سماء الأردن وعدم جعلها ساحة حرب إقليمية مفتوحه.
رابعاً: القوات الأمريكية تصدت للمقذوفات الإيرانية من خلال الأراضي العراقية والسورية أيضاً، فمش ملاحظ إنه الأردن فقط هو الذي بدا في عين عاصفة الانتقادات! السبب طبعاً إنه العراق وسوريا دولتان غير مكتملي السيادة بحكم الوضع السياسي والميداني فيهما. وبلدك هي البلد القائم الذي يملك قراره السيادي وفق حساباته ومصلحته. فهل لنا مصلحة في تحويل الأردن لبلد فاشل أمنياً فقط لنتجنب الانتقادات الشعبوية!؟
خامساً: إذا كنت بتعتقد إنه الاتفاقية الأمنية الأردنية الامريكية انعملت من أجل سيناريو واحد وهو حماية إسرائيل فهذا تفكير ساذج وفيه تبسيط وتسطيح وتخوين مجاني أهبل. هاي الاتفاقية إلها أسبابها الاستراتيجية الكبرى. وإذا كنت بدك تفهم بس إلقي نظرة متفحصة على الرمال المتحركة في هذه المنطقة، والصراعات الإقليمية الخطيرة فيها، والقوى المنفلتة المليشاوية والعابرة للدول، وللدول صاحبة المشاريع الهدامة وعلى رأسها إسرائيل بالمناسبة. هاي الاتفاقية ما انعملت لظرف زماني أو سياسي معين، بل من أجل مصالح استراتيجية عليا مستدامة. طبعاً انت ما رح تقتنع بهذا الكلام إلا إذا تخليت عن سوء النوايا وفكرت بعقل سليم ومن دون تخوين أو انتقاص.
سادساً: إذا بعدك بتعقد إنه إيران التي احتلت 4 دول عربية في طريقها لتحرير فلسطين، تملك مشروعاً أقل خطورة من مشروع إسرائيل فبدك تعدل البرمجة والخوارزميات تبعتك وتشوف الأمور بعين المفتح الذكي مش الأهبل المضحوك عليه.
سابعاً: الأردن له مصلحة استراتيجية في تهدئة الأوضاع في فلسطين واجبار إسرائيل على وقف حربها في غزة والتوقف عن اللعب بالنيران في الضفة الغربية، وساذج من يعتقد أن ايران وجهت الهجوم لإسرائيل دعماً لغزة وقضيتها. بالعكس اعطى الهجوم لإسرائيل شرعية مواصلة التنكيل بأهل غزة والضفة الغربية، وأعاد الهجوم بصورة كبيرة، الانحياز الغربي لإسرائيل بعدما كان نتنياهو في أسوأ أوضاعه.
ثامناً: في 1991 وجه صدام حسين أكثر من 30 صاروخ سكود إلى إسرائيل من فوق الأراضي الأردنية. صحيح كنا مبسوطين على هاي الصواريخ وهي نازلة على تل أبيب، بس هذا ما منع الملك حسين حينها من توجيه اللوم لصدام حسين رغم أنهما كانا متحالفين، لأن صدام لم يضع في حساباته أن أحد هذه الصواريخ ربما يفشل في الوصول إلى إسرائيل ويسقط فوق الأردن ويهدد سلامة الأردنيين. ببساطة الدول ذات السيادة ما بتسمح لأي دولة أو قوة في الكون بانتهاك سيادته من أي جهة كانت أرضا أو بحراً أو جواً أو تستخدمها من دون إذن. بالمناسبة كانت نتيجة تلك الصواريخ تكوين جبهة دولية قوية مناصرة لإسرائيل على غرار ما يحدث الآن. يعني التاريخ مليان عبر بس بدك إلي يفهم.
وأخيراً .. لما المنطقة بتكون بتغلي وسيناريوهات الحرب الشاملة مفتوحة وبلدك في عين العاصفة فالمفروض إنك ما تتردد ولول للحظة توقف خلف قرارات دولتك وخياراتها، لأنه هذا هو الموقف الوطني الطبيعي في مثل هذه الظروف، مش تروح على طول تخوّن وتتهم وتنتقص. وحتى لو إلك ملاحظات أو مش موافق على الي بصير، من حقك على فكرة وطبيعي، بس أجل هالكلام إلى وقت آخر.
قد يعجبك ايضا