الحالة الجوية.. عاصفة التوقعات فاقت “عاصفة الجلمود”!
كتب محرر الشؤون المحلية
شهدت الأيام الأخيرة جدلًا واسعًا في الأردن حول دقة التوقعات الجوية، بعدما انتشرت اخبار وفيديوهات بالعشرات تشير إلى قدوم منخفض جوي “قطبي المنشأ” سيجلب أمطارًا غزيرة وثلوجًا إلى المرتفعات. ووفقاً لتلك التوقعات، فإن اليوم السبت هو يوم ماطر ويشهد زخات ثلجية على المرتفعات، والأهم أنه سيأتي بعد أيام ماطرة تصور الأردنيون معها بأن السيول التي ستتشكل في الوديان ستكون جارفة، وأن كمية الأمطار ستعوض النقص الكبير في الموسم الشتوي الحالي، الذي يقترب من مستويات الشح المطري. لكن الواقع يقول إن كميات الأمطار التي سقطت كانت قليلة والثلوج شحيحة للغاية.
ومع تراجع تأثير المنخفض عن المتوقع، شعر كثير من المواطنين بأنهم وقعوا ضحية المبالغة في التوقعات، سواء من المرصد الرسمي المعتمد أو المراصد الخاصة، وحتى من قبل هواة الطقس على وسائل التواصل الاجتماعي. فهل كان السبب تغيرًا طبيعيًا في الأنماط الجوية؟ أم أن هناك مشكلة في آلية التنبؤ والتواصل مع الجمهور؟
توقعات غير دقيقة أم تغير مفاجئ في الطقس؟
في علم الأرصاد الجوية، تظل التوقعات خاضعة لاحتمالات التغير حتى اللحظات الأخيرة، خاصة في حالات المنخفضات القادمة من مصادر قطبية، حيث تؤثر العديد من العوامل في مدى تعمق المنخفض وقوته. هذا ما قد يكون حدث مع المنخفض الأخير، حيث أظهرت النماذج الجوية المبكرة أنه سيكون أكثر تأثيرًا، لكن مع اقتراب موعده، لم يكن التبريد العلوي كافيًا لدعم تساقط الثلوج كما كان متوقعًا.
ومع ذلك، فإن المشكلة ليست فقط في تغير المعطيات الجوية، بل في طريقة إيصال هذه التوقعات للجمهور. في بعض الحالات، يجري تقديم التوقعات بطريقة توحي باليقين، دون الإشارة إلى نسبة التغير الممكنة، مما يخلق انطباعًا لدى الناس بأن ما يُنشر هو أمر حتمي، وليس مجرد سيناريو محتمل.
دور الهواة في تضخيم التوقعات
ازدادت في السنوات الأخيرة ظاهرة “هواة الطقس”، وهم أشخاص غير متخصصين رسميًا في الأرصاد الجوية، لكنهم يعتمدون على الخرائط والنماذج الجوية العالمية لتحليل التوقعات ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. البعض منهم يقدم تحليلات دقيقة، بينما يلجأ آخرون إلى التهويل لجذب الاهتمام والمتابعين، مما يؤدي إلى انتشار توقعات غير دقيقة بين الناس.
حتى المؤسسات الرسمية ليست بمنأى عن هذا التأثير، فقد استخدمت دائرة الأرصاد الجوية الأردنية مصطلح “الجلمود” لوصف المنخفض، وهو تعبير يحمل دلالة على الشدة والقوة، مما عزز التوقعات بعاصفة جوية كبيرة. وحين لم يكن تأثير المنخفض بالقوة المتوقعة، شعر المواطنون بالإحباط وخيبة الأمل.
كيف يمكن تحسين التوقعات؟
من الضروري أن تتجنب المراصد الجوية استخدام المصطلحات المثيرة، والتركيز على تقديم معلومات علمية واضحة مع إبراز احتمالات التغير.
التوعية بديناميكية الطقس:
يحتاج الجمهور إلى فهم أن التوقعات الجوية، خاصة بعيدة المدى، تحمل نسبة خطأ، وأن التغيرات ممكنة حتى اللحظة الأخيرة.
ضبط المحتوى المنشور على وسائل التواصل: يجب على وسائل الإعلام والمختصين في الأرصاد الجوية العمل على تصحيح المعلومات المغلوطة التي قد ينشرها بعض هواة الطقس، لضمان عدم تضليل الجمهور.
في النهاية، التوقعات الجوية ليست علمًا دقيقًا بنسبة 100%، بل هي عملية تحليلية تعتمد على معطيات قابلة للتغير. لكن الطريقة التي تُعرض بها هذه التوقعات تلعب دورًا مهمًا في تشكيل توقعات الناس وتفاعلهم مع الطقس، وهو ما يتطلب مزيدًا من الدقة والاتزان في التعامل مع هذا الملف.