مهرجان الزيتون والمجتمع المنتج
قبل تأسيس الدولة الأردنية الحديثة عام 1921، لم يكن مصطلح مثل “عاطل عن العمل” معروفاً بين بين الأردنيين، الذين مثلوا مجتمع انتاج متكامل وقدموا دورة مال تحرك كل القطاعات، اعتمدوا فيه على مصادر دخل تقليدية متأثرة بالطبيعة الجغرافية والبيئة الاجتماعية. هذه المصادر كانت بسيطة وتتناسب مع الظروف السائدة، ومن أبرزها: الزراعة، خصوصا في مناطق اربد وجرش وعجلون، والرعي وتربية المواشي في البادية الشمالية والجنوبية والمناطق الصحراوية، وقلة بينهم استفادت من الموقع الجغرافي في التجارة المرتبطة بطرق الحج وطرق القوافل التجارية أو ضمن الجيش العثماني.
باللغة الحديثة كان الاقتصاد ذاتياً وموجهاً للاكتفاء الذاتي أكثر من كونه تجارياً. وبدل العملات النقدية كانت “المقايضة” و”المقارضة” أدوات تبادل السلع بدل السيولة النقدية.
يعني غالبية الأردنيين كانت موزعة بين الحقول والمراعي وقلة كانت تعتمد على التجارة والوظائف. بل إن المجتمع لم يكن يقدر من لا يعمل أو لا ينتج، كان يوصف ب ” العالة” ” ما منه فايدة” ” نايم على خبزه”.
تغيرت الظروف في كل العالم وليس فقط في الأردن، وصارت الوظائف مصدراً للدخل بغض النظر عن مدى تأثرها أو تأثيرها في الاقتصاد، خصوصاً مع غياب ثقافة الإنتاجية. وعندما شحّت الوظائف لاحقاً ارتبكنا أمام المصطلحات؛ الدولة الرعوية، الاقتصاد الموجه، والمركزي، القطاع الخاص، السوق المفتوحة … وفي النتيجة ضياع البوصلة دون خريطة واضحة للبناء والتنمية.
اليوم وأنا أتجول في معرض الزيتون، كنت سعيداً للغاية وأنا أرى القادمين من بواديهم وقراهم ومخيماتهم وأحيائهم، خصوصاً من النساء يعرضون منتجاتهم وما جادت به الارض والطبيعة، في عودة مستحقة وجميلة لمجتمعات الانتاج والإنتاجية. تغيرت الثقافة الهشة اجتماعياً التي سادت في العقود الماضية وكانت تمنع النساء من المشاركة في المشهد الانتاجي في البلاد وصرن رائدات ومبدعات ومبتكرات وصاحبات قرار وقول ورأي..
للسيدات الرائعات والفتيات اللواتي كن في أشد الحماس اليوم في معرض الزيتون وهن يعرضن ما ابدعت أيديهن … نرفع لكن القبعات.

