عبدالله مبيضين: القوة ليست في تعطيل العجلة
كتب الصحفي والكاتب عبدالله مبيضين منشوراً انتقد فيه الدعوة إلى عصيان مدني في الأردن، وتالياً نص المنشور:
العصيان المدني في وطن مستقر كالأردن ليس حلاً، بل مغامرة بمكتسباته وأمنه الاجتماعي والسياسي، وهي مكتسبات استثمرها على مدى تاريخه الطويل للدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
الدعوة إلى تعطيل الحياة العامة ليست مجرد تعبير عن موقف، بل فعل تتجاوز تبعاته نواياه.
إنّ دولة مثل الأردن تمتاز بتماسك مجتمعي ودور إنساني مشهود، تهدد هذه الدعوات استقراره، وتؤثر على دوره الهاديء والعقلاني، وقد تفتح الطريق للفوضى بدلا من التركيز على العمل والإصلاح.
لا يمكن ترجمة الوعي الوطني بالتعطيل، بل بالعمل العقلاني والمستند إلى أدوات التغيير المشروعة: برلمان، نقابات، إعلام، ومجتمع مدني حيّ. وهو ما يحدث بالفعل الآن …
أما العصيان، ولو بدأ سلمياً، فقد ينزلق سريعاً إلى خطاب كراهية، استقطاب داخلي، وشلل اقتصادي في قطاعات حيوية كالنقل والتعليم والصحة .. وغيرها .. وقد يسمح لكل كاره أو عدو بالاصطياد بالمياه العكرة .. وهي مياه يجب على أبناء وطننا الحبيب تجفيفها الآن … بالانتماء والمحبة والوعي والتسامح !
الأسوأ، أن العصيان قد يضر بصورة البلاد وتاريخها وأهلها، ويبعث برسائل سلبية للمستثمرين والداعمين الدوليين، ويعطي فرصة لمن يسعون لإشعال فتيل الفتنة.
المطلوب ليس الصراخ، بل العقل.
وليس التوقف، بل التقدم المدروس.
وليس هدم المؤسسات، بل تفعيلها من الداخل.
القوة ليست في تعطيل العجلة، بل في توجيهها نحو المسار الصحيح !
والأردن… كان وما يزال يختار العقل على الفوضى، ويثبت كل يوم أنه في الاتجاه الصحيح.