والده أنفق مليون دينار في رحلة البحث عنه.. أسامه البطاينة في حضن أسرته .. فاقداً للذاكرة
الصافي – عمان
وأخيراً، وصل أسامة البشير البطاينة إلى بلده وصار بين ذويه، لكنه وصل جسداً بلا حضور ذهني بعدما أصبح فاقداً للذاكرة في سجون النظام السوري المخلوع، التي قضى فيها 38 عاماً.
وكان الاردنيون قد انشغلوا منذ الامس، بمصير البطاينة، بعدما نشر له فيديو في أحد مساجد دمشق وهو جالس في حالة وجوم وذهول شديدن، وبدا غير مدرك لما يحصل له، وذلك في أعقاب تحريره من سجن صيدنايا الشهير المعروف باسم المسلخ البشري، إلى جانب آلاف المعتقلين. وعندما سأله مواطنون سوريون كانوا يحاولون التعرف إلى هويته أجاب بصوت خافت: ” من إربد”، وهو ما عزز الشكوك بأنه أسامة البطاينة، المفقود منذ38 عاماً عندما كان يبلغ من العمر 18 عاماً.
ووفقاً، للسفير سفيان القضاة، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، فإن البطاينة نُقل من دمشق إلى مركز حدود جابر أولا، ثم استقبله ذووه وأبناء عشيرته من إربد.
وأوضح في تصريحات لصحفيين أن السفارة الأردنية في دمشق تابعت قضيته منذ اختفائه عام 1986، لكن السلطات السورية أنكرت طوال هذه السنوات وجوده داخل البلاد. ومع ذلك، ظهرت الحقيقة أخيراً، حيث عُثر عليه فاقداً للوعي والذاكرة، وتم تسليمه إلى ذويه بعد إجراء الفحوص الطبية اللازمة.
ونقل عن والد أسامه، بشير البطاينة، أن اللقاء بابنه بعد هذه السنوات الطويلة كان مؤثرًا للغاية، حيث أمسك أسامة بيد والده وقبّلها.
وقال أقارب ومقربون من العائلة إن الملامح المتغيرة بفعل الزمن لم تخفِ حقيقة أنه هو الشاب الذي اختفى في الثمانينيات ولم يُعرف عنه شيء طوال تلك السنوات.
وأوضحوا أن أسامة الذي ينتمي لأسرة ميسورة الحال، غادر الأردن بعد إنهائه الثانوية العامة، متوجها إلى العراق في رحلة سياحية، ثم أتبعها برحلة إلى سوريا للبحث عن جامعة للدراسة، لكن أخباره انقطعت منذ ذلك اليوم.
ومنذ اختفائه بدأت رحلة شاقة للغاية ومضنية خاضتها الأسرة، وخاصة الأب المفجوع بغياب ابنه للبحث عنه.
ويقول أحد أقاربه، إن والد أسامه كان رجلاً ميسور الحال، لكن حياته تغيرت بالكامل بعد اختفاء ابنه. إذ كان الأب معروفاً بأنه مالك أول قصر من نوعه في اربد، ولديه العديد من المباني والأراضي، لكنه اضطر إلى بيعها كلها في رحلة البحث عن ابنه المفقود.
ووفقاً لتقديرات القريب فقد أنفق والد اسامة قرابة مليون دينار، أغلبها على شكل أموال قدمت لضباط كبار ومسؤولين في النظام السوري مقابل وعود بالبحث عنه وإطلاق سراحه، لكن كل تلك الأموال ذهبت دون أي فائدة.
ومن الفصول المؤلمة في حياة اسامة، أن والدته ماتت حزناً وكمداً عليه بعد اختفائه، وكانت أمنيتها أن تراه قبل أن تموت، أو تعرف على الأقل بمكان وجوده وفيما إذا كان على قيد الحياة أم لا.
يشار إلى أن الجهات المعنية أخذت عينات من أسامة، لمطابقتها مع عينات أخذت من ذويه لعمل فحص “دي أن إيه”. حيث تترقب أسرته ظهور النتائج عصر اليوم، والتأكد من أن أسامه هو ابنها المفقود، قبل أن تبدأ رحلة إعادة تأهيله صحياً ونفسياً نظراً للوضع بالغ السوء الذي يعاني منه حالياً.
يذكر أن سجن صيدنايا المترامي الأطراف، يضم آلاف السوريين وغيرهم ممن اعتقلهم النظام المخلوع، وسط اعتقاد بأن بعضهم لم يتمكن من الخروج مع مئات المعتقلين خلال اليومين الماضيين، نظراً لوجودهم في مواقع محكمة الإغلاق، وفق روايات ذوي المفقودين والأهالي، على الرغم من إنهاء الدفاع المدني السوري عمليات البحث اليوم بعدما تبين عدم وجود سجناء آخرين فيه.