
“المولات” و”التصفية” و”الشراء الإلكتروني” تضعف التسوق وسط البلد
محلات التصفية في شارع الحرية تؤثر على أسواق وسط البلد
العدوان على غزة يقلل بهجة العيد ويخفّض حركة الشراء في عمّان
الصافي الإخباري – خاص
أظهرت جولة ميدانية خاصة لـ”الصافي الإخباري” خلال اليومين الأخيرين من شهر رمضان في “وسط البلد” بالعاصمة الأردنية عمّان، أن الحركة الشرائية قبيل العيد ضعيفة ومتدنية بشكل لافت، حيث انخفضت بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك وفقًا لمجموعة من التجار الذين تم استطلاع آرائهم.
وعزا التجار هذا التراجع إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها لجوء المستهلكين إلى محلات التصفية التي جذبت الإقبال بأسعارها المنخفضة، ما أثّر على مبيعات المنتجات ذات الجودة الأعلى والأغلى سعرًا. كما أشاروا إلى انتشار المولات التجارية، وازدياد عدد المحال في معظم مناطق عمّان السكنية، مما وفر للمستهلكين خيارات قريبة ومريحة. إضافة إلى ذلك، ساهمت زيادة الاعتماد على الشراء الإلكتروني – حتى في المحافظات – في تقليل الإقبال على التسوق من وسط البلد. كما أشاروا إلى تدهور الحالة المعنوية لدى المواطنين بسبب تردي الأوضاع السياسية في دول الجوار، خاصة في فلسطين المحتلة، وما يتعرض له قطاع غزة من عدوان وإبادة متواصلة.
الشراء للأطفال فقط
محمد عيسى، صاحب محل لبيع الألبسة الرجالية، قال لـ”الصافي الإخباري” إن الظروف المادية الصعبة دفعت العديد من الأسر إلى الاكتفاء بشراء قطعة واحدة من الملابس لكل من الأطفال والأم، في حين يفضّل رب الأسرة، إن تمكن ماديًا، شراء احتياجات عائلته أولًا. وأضاف أن الشباب باتوا يكتفون بشراء قطعة واحدة، بعد أن كان المعتاد شراء أطقم كاملة من قميصين وبنطال.
وأشار عيسى إلى أن الحركة الشرائية خلال الأسبوع الأخير من رمضان كانت متدنية بنسبة تقارب 50% مقارنة بالعام الماضي، موضحًا أن كثيرًا من الزبائن باتوا يفضلون المولات أو التسوق داخل أحيائهم السكنية التي ازدحمت بالمحال المتنوعة.

حركة مزدحمة.. بلا أكياس!
وعند سؤال أحد التجار عن أسباب الازدحام الملحوظ في وسط البلد قبيل العيد، أجاب بأنها “حركة بلا أكياس”، باستثناء أكياس الطعام، في إشارة إلى أن كثيرًا من الناس يقصدون المنطقة لتناول الطعام أو التجوال بهدف الترفيه فقط، وليس بغرض الشراء.
وقد شهدت شوارع وسط البلد، مساء أمس، وقبيل موعد الإفطار، كثافة مرورية وحركة نشطة للمشاة، وامتلأت الأرصفة بموائد الطعام، بينما تدافع المرتادون للوصول إلى أماكن تقديم الطعام، في حين بدت المحال التجارية شبه خالية حتى من المتفرجين على البضائع.

الحرب تهبط المعنويات وتصد الناس عن الشراء
أحمد معروف، صاحب محل للألبسة النسائية، بدا عليه الأسى واليأس رغم صغر سنه، واعتبر أن السوق كان “ميّتًا” تمامًا، ليس فقط في الأيام الأخيرة قبل العيد، بل طوال شهر رمضان.
وقال لـ”الصافي الإخباري” إن الحالة النفسية للمواطنين أثرت على رغبتهم في التسوق، لأنهم لا يشعرون بقدوم العيد أساسًا. وأضاف أن الحزن والخوف نتيجة الأوضاع المأساوية في فلسطين، التي تربط الأردنيين بها علاقة وجدانية وثيقة، ألقى بظلاله على المزاج العام. وأكد أن ضعف الحركة الشرائية ممتد منذ فترة طويلة ولم يعد يتحسن حتى في المواسم والأعياد.
الشراء الإلكتروني و”الحرية” يطفئان وهج “وسط البلد”
أشار عدد من التجار إلى أن الشراء الإلكتروني أسهم في عزوف الناس عن التسوق من “وسط البلد”. وقال أحدهم لـ”الصافي الإخباري” إن نحو 70% من المشتريات باتت تتم “أونلاين”، وذلك بسبب صعوبة التنقل، وازدحام السير، ونقص مواقف السيارات، إضافة إلى الخوف من المخالفات المرورية.
ولفت التجار إلى أن محلات التصفية، خاصة في شارع “الحرية”، أسهمت بشكل كبير في تقليص حجم المبيعات من باقي المحلات، لأنها تقدم سلعًا بأسعار مخفضة تصل أحيانًا إلى 80%. وقال أحدهم: “حين يتوفر طقم ملابس كامل بـ10 دنانير، من الطبيعي أن لا يشتري الزبون بنطالًا واحدًا بـ20 دينارًا، حتى وإن كان ذا جودة أعلى”.
كما أشار أحد أصحاب محال الحلي النسائية إلى أن الموسم الحالي، كغيره من المواسم، لم يشهد أي ارتفاع ملحوظ في نسبة الشراء، بل وصف الوضع بـ”النازل على طول”.


صيانة العيد.. عادة اندثرت مع الهموم
حتى محلات بيع مواد البناء والصيانة والتجهيزات الكهربائية، التي كانت تشهد نشاطًا ملحوظًا في مواسم الأعياد، تعاني اليوم من ضعف الإقبال. وقال أحد التجار إنه لم يعد مجديًا فتح محله في العيد كما كان يفعل سابقًا، لأن الناس باتت تؤجل الصيانة إلى أجل غير مسمى، أو تتخلى عنها نهائيًا.
وأضاف أن حركة الشراء في هذا القطاع متواضعة طوال العام، لكنها – برأيه – أفضل نسبيًا من قطاعات أخرى كالألبسة والأحذية. ومع ذلك، فهي لا تشهد ارتفاعًا حتى في الأوقات التي كانت تُعرف سابقًا بذروة الطلب.