قرار لا بد من اتخاذه فورا

12

سلامة الدرعاوي

 

قرار الإدارة الأميركية بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة مختلفة على معظم دول العالم، و20 بالمائة على الأردن، يشكل ضربة قوية وموجعة للصادرات الأردنية، فهذا القرار لم يراعِ العلاقة التاريخية ولا التحالف الإستراتيجي بين البلدين، ولا حتى الاتفاقيات الموقعة بينهما مثل اتفاقية “التجارة الحرة” والشراكة الإستراتيجية، فالإدارة الأميركية تنظر إلى مصلحتها الاقتصادية فقط، متجاهلة تأثير هذه الرسوم على شركائها وحلفائها.

إن فرض هذه الرسوم الجمركية، والذي وقع عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب كجزء من حملة لإطلاق “عصر ذهبي” للولايات المتحدة، يتجاهل عمق العلاقات الثنائية بين الأردن وأميركا، فالولايات المتحدة ليست مجرد شريك اقتصادي للأردن، بل هي الداعم الأكبر والأكثر للاقتصاد الأردني، حيث تُقدم الولايات المتحدة وحدها حوالي 600 مليون دينار من أصل 739 مليون دولار تتلقاها الموازنة كمساعدات، وهي جزء أساسي من المساعدات السنوية والبالغة 1.45 مليار دولار، بالإضافة إلى مساعدات استثنائية تُمنح بشكل دوري.

في ظل الجمود العربي وتراجع الدعم الاقتصادي للأردن من الدول العربية، تظل الولايات المتحدة الشريان الرئيسي للمساعدات المقدمة للأردن، فالدعم العربي للأردن يكاد يكون في حالة جمود مقارنة بالدعم الأميركي المستمر والمتواصل، وهذه الحقيقة تجعل من الضروري الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة في ضوء الوضع الاقتصادي الحالي.
في مواجهة هذا القرار الجمركي الذي طال الأصدقاء والحلفاء والشركاء، نجد أن الحكومة لا تملك الكثير من الأوراق القوية، فأي تصعيد من الجانب الأردني قد يُقابل بموقف حازم من الإدارة الأميركية، مما قد يتسبب بخسائر أكبر على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، لذا، يجب التفكير بحذر.
الحل الأمثل في هذه المرحلة يتطلب تبني إستراتيجية عملية تعتمد على تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على السلع والمستوردات الأميركية، سواء كانت ضريبية أو جمركية، إلى أدنى مستوى ممكن، كما ويجب أن تسعى الحكومة الأردنية إلى تقليل هذه الرسوم لتقترب من المعدل الأميركي المتدني البالغ 10 %، وبهذه الطريقة، يمكن الحفاظ على تنافسية الصادرات الأردنية في السوق الأميركي، وحماية العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.
هذه الخطوة ضرورية لأن الرسوم الجمركية المفروضة من الجانب الأميركي بنسبة 20 % تفوق المعدلات المفروضة على الدول المنافسة، مما يؤدي إلى فقدان تنافسية الصادرات الأردنية، وإذا استمرت هذه النسبة المرتفعة، فإن الصادرات الأردنية ستواجه خطر الانسحاب من الأسواق العالمية، خاصة في ظل انخفاض الرسوم الجمركية لدى الدول الأخرى.
الصادرات الأردنية المتضررة من القرار الأميركي تتركز في مجالات حيوية كالمعدات، والسيارات والتبغ، والفواكه، وإذا لم تبادر الحكومة بتخفيض الرسوم الجمركية إلى أدنى مستوى، فإن هذه القطاعات ستواجه صعوبة في البقاء على الخريطة التجارية الأميركية، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد المحلي.
من جهة أخرى، استجابة الحكومة السريعة لتقليل الرسوم الجمركية على السلع الأميركية تعكس رغبة الأردن في الحفاظ على علاقاته الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، واستمرار تدفق المساعدات المالية التي تُعتبر ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الأردني، وإن اتخاذ هذا القرار العاجل ليس خياراً بل ضرورة لضمان استقرار الاقتصاد الأردني في ظل المتغيرات العالمية الحالية، خاصة مع مبادرة العديد من دول العالم بالتفاوض الإيجابي مع الولايات المتحدة حول القرار الجمركي، مما يعني لسنا الوحيدين في اتخاذ قرار التخفيض الجمركي على الواردات الأميركية.
في الختام، يجب على الحكومة التحرك فوراً لتخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الأميركية إلى أدنى مستوى ممكن وتعديل أي قرارات أو تشريعات تعيق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ليس فقط للحفاظ على التنافسية الاقتصادية، ولكن أيضاً لضمان استدامة العلاقات الثنائية التي تمثل مصلحة وطنية عليا، فالقرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية قد يكون موجعاً، لكن الاستجابة الحكيمة والسريعة يمكن أن تخفف من آثاره وتضمن استمرار التعاون والدعم الاقتصادي من الجانب الأميركي.

عن “الغد”

 

قد يعجبك ايضا